خطبة الأسبوعخطبة الجمعةخطبة الجمعة القادمة ، خطبة الجمعة القادمة لوزارة الأوقاف المصرية مكتوبة word pdf

خطبة الجمعة القادمة : بالأخلاق تبني الدول للشيخ عبد الناصر بليح

خطبة الجمعة القادمة : بالأخلاق تبني الدول للشيخ عبد الناصر بليح ، بتاريخ 20 شعبان 1440 هـ ، الموافق 26 أبريل 2019.

 

لتحميل خطبة الجمعة 26/4/2019 وعناصرها:

لتحميل خطبة الجمعة القادمة بصيغة word  أضغط هنا.

لتحميل خطبة الجمعة القادمة بصيغة  pdf أضغط هنا.

ولقراءة خطبة الجمعة القادمة كما يلي:

 

الحمد لله  رب العالمين .. يارب لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك ولك الحمد حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ..وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له في سلطانه ولي الصالحين ..

لاتحسبن العلـم ينفــع وحده***مالـم يتوج ربـُهُ بخلاقٍ

فإذارزقت خليقةمحمودة فقد***اصطفاك مقسم الارزاق.

وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله القائل:”إنّ المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصّائم القائم “. وقال صلّى الله عليه وسلّم:” إنّ من أحبّكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً ” وقال صلّى الله عليه وسلّم:”ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق “( أصحاب السّنن). اللهم صلاة وسلاماً عليك ياسيدي يارسول الله وبعد فياجماعة الإسلام

حديثنا إليكم اليوم عن بناء الدول علي الأخلاق لأن بقاء الأمم بحسن أخلاق أبنائها وزوال الأمم بسوء أخلاق أبنائها وكما قال القائل:”

وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاقُ مَا بَقِيَتْ

فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاقُهُمْ ذَهَبُوا

 

إخوة الإيمان والإسلام:”

 إنَّ الاهتمام بالأخلاق وفق المنظومة القيميَّة والعقَدِيَّة التي تؤمن بها الأمة والتوافق المُجْتمعي عليها هو نقطة الارتكاز لعافية الأمَّة في كلِّ المجالات الحيويَّة؛ سياسيًّاً واقتصاديًّاً واجتماعيًّاً، وافتقاد الأخلاق وانحطاطها مؤشِّر انهيار الأمة الذي لا شكَّ فيه؛لأنَّ محصِّلة افتقاد الأخلاق الكريمة؛ مِن صدقٍ في المعاملة، وإتقانٍ في العمل، واحترامٍ للنظام، وأمانةٍ في الأداء، والاستثمار الأمثل للوقت، واحترام الإنسان، والتأكيد على حقوقه في الحرية والعدالة والكرامة الإنسانيَّة، وتعهُّده بالتربية منذ طفولته الأولى، وتثقيفه وتربيته على مكارم الأخلاق، وطلب المعالي، والهمة العالية، وتعهُّدِه بالتوجيه السديد، والإعلام الرشيد…

وكما يقول القائل :

“صلاح أمرك للأخلاق مرجعه…فقوّم النفس بالأخلاق تستقم”

وقال:”إذا أصيب القوم في أخلاقهم …فأقم عليهم مأتماً وعويلاً”

فالأمم تضمحل وتندثر إذا ما انعدمت فيها الأخلاق، فساد فيها الكذب والخداع والغش والفساد، حتى ليأتي يوم يصبح فيها الخلوق القوي الأمين غريباً منبوذاً لا يؤخذ له رأي، ولا تسند إليه أمانة، فمن يريد الأمين في بلد عم فيه الفساد وساد فيه الكذوب الخدّاع المنافق؟!

وهل هناك أصدق من كلام الله؟عندما قال في كتابه:”ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون”(الروم/41)، وتحذيره عندما قال:”قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ”(الروم/42).

الرسل و بناء الأمم علي الأخلاق من دروس خطبة الجمعة :”

أيها الناس :”   وأعظم من بني الأمم علي الأخلاق هم أعظم البشر أخلاقاً على الإطلاق هم الأنبياء والرسل – عليهم السّلام – فهم حازوا عليها وجمعوا الأخلاق الحسنة و ابتعدوا عن الأخلاق السّيئة، يليهم المتديّنون بصدق والعارفون بالله، وأصحاب الأرواح العظيمة، حتى لو كانوا غير متديّنين، والسّبب في اجتماع الأخلاق الحميدة مع التديّن الصّادق والعميق، هو أنّ المتديّن يسعى للوصول إلى الكمال المطلق، وكلما ارتقى أكثر في تديّنه ومعرفته بالله كلما عظمت أخلاقه، لهذا كله فالرّسل هم أعظم البشر أخلاقاً، لأنّهم أعرف النّاس بالله. أحاديث تدعو إلى حسن الخلق إنّ أساس هذا الدّين العظيم هو مكارم الأخلاق ومحاسنها، فقد روى البيهقي أنّ النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – قال:” إنّما بعثت لأتمّم مكارم الأخلاق “، وإنّ كلمة البرّ هي الجامعة لمعاني الدّين، قال عنه النّبي صلّى الله عليه وسلّم:” البرّ حسن الخلق”( مسلم).

 وقد اتصف النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – بما وصفه به الله سبحانه وتعالى، وأثنى عليه بحسن الخلق، فقال جلّ وعلا:”وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ “، القلم/4،

 ومن الأحاديث الواردة في حسن الخلق ـ وهي كثيرة ـ ما وراه الإمام مالك في الموطأ بلاغاً أن معاذ بن جبل قال:” آخر ما أوصاني به رسول الله – صلّى الله عليه وسلّم – حين وضعت رجلي في الغرز أن قال: أحسن خلقك للنّاس يا معاذ “، وروى الإمام أحمد وأصحاب السّنن أنّ النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – قال:” إنّ المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصّائم القائم “. وقال صلّى الله عليه وسلّم:” إنّ من أحبّكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً “(الترمذي)، وقال صلّى الله عليه وسلّم:” ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق “( أصحاب السّنن).

 ومن أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم لقد قال النّبي – صلّى الله عليه وسلّم – عن نفسه:”إنّ الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشاً من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم”(البخاري).

 وقال صلّى الله عليه وسلّم:” إنّ مثلي ومثل الأنبياء من قبلي كمثل رجل بنى بيتاً فأحسنه وأجمله، إلا موضع لبنة من زاوية، فجعل النّاس يطوفون ويعجبون له ويقولون: هلاَّ وُضِعت هذه اللبنة؟ قال: فأنا اللبنة وأنا خاتم النّبيين”(البخاري). ويقول عبد الله بن عباس رضي الله عنهما:”إنّ الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمّدصلّى الله عليه وسلّم خير قلوب العباد، فاصطفاه لنفسه،فابتعثه برسالته”

وقد بعث الله سبحانه وتعالى نبيّه محمّداً – صلّى الله عليه وسلّم – ليتمّم مكارم الأخلاق.

 وذلك لأهمّيتها للفرد والأسرة. وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:” إنّما بعثت لأتمّم صالح الأخلاق”(أحمد). وعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ قال:” لمّا بلغ أبا ذر مبعث النّبي ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ قال لأخيه:” اركب إلى هذا الوادي، فاعلم لي علم هذا الرّجل الذي يزعم أنّه نبيّ يأتيه الخبر من السّماء، واسمع من قوله ثمّ ائتني، فانطلق الأخ حتى قدمه وسمع من قوله، ثمّ رجع إلى أبي ذرّ، فقال له: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق “(البخاري). وأمّا عن أخلاقه العامّة فقد قال صلّى الله عليه وسلّم:” خياركم أحاسنكم أخلاقاً”(الترمذي).وقال:”إنّ من أحبّكم إليّ أحسنكم أخلاقاً “(البخاري).

دورالأخلاق  في بناء الأمة من دروس خطبة الجمعة  :”

أيها الناس :” يمكن تبيُّن أهمية الأخلاق في بناء أمة الإسلام من عدة أمور، منها: أولاً:دعوة الإسلام للتمسك بمكارم الأخلاق:”

 جعل النبي صلى الله عليه وسلم الغاية من بِعثته الدعوة للأخلاق. فقد صحَّ عنه صلى الله عليه وسلم:”إنما بُعِثْتُ لأتممَ مكارم الأخلاق”. لقد بين رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بهذا الأسلوب أهمية الخُلق، بالرغم من أنه ليس أهمَّ شيء بُعث النبيُّ صلى الله عليه وسلم من أجله؛ فالعقيدة أهم منه، والعبادة أهم منه، ولكن هذا أسلوب نبوي لبيان أهمية الشيء، وإن كان غيرُه أهمَّ منه، فإن قال قائل: ما وجه أهمية الخُلق حتى يقدَّم على العقيدة والعبادة؟ فالجواب:

إن الخُلق هو أبرز ما يراه الناسُ، ويُدركونه من سائر أعمال الإسلام؛ فالناس لا يرون عقيدةَ الشخص؛ لأن محلَّها القلبُ، كما لا يرون كلَّ عباداته، لكنهم يرَوْن أخلاقه، ويتعاملون معه من خلالها؛ لذا فإنهم سيُقيِّمون دِينَه بِناءً على تعامله، فيحكُمون على صحتِه من عدمه عن طريق خُلقه وسلوكه، لا عن طريق دعواه وقوله، وقد حدَّثَنا التاريخ أن الشرق الأقصى ممثَّلاً اليوم في إندونسيا والملايو والفلبين وماليزيا، لم يعتنقْ أهلُها الإسلام بفصاحة الدعاة، ولا بسيف الغزاة، بل بأخلاقِ التجَّار وسلوكِهم، من أهل حضرموت وعمان؛ وذلك لما تعاملوا معهم بالصدق والأمانة والعدل والسماحة. وإن مما يؤسَفُ له اليوم أن الوسيلةَ التي جذبت كثيرًا من الناس إلى الإسلام هي نفسها التي غدَت تصرِفُ الناس عنه؛ وذلك لما فسَدت الأخلاق والسلوك، فرأى الناس تباينًا بل تناقضًا بين الادِّعاء والواقع!

 

ثانياً :” أنها أساس بقاء الأمم:

فالأخلاق هي المؤشِّر على استمرار أمَّة ما أو انهيارها؛ فالأمة التي تنهار أخلاقُها يوشك أن ينهارَ كيانُها، كما قال شوقي:

وإذا أُصيب القومُ في أخلاقِهم *** فأقِمْ عليهم مأتَمًا وعويلا

ويدلُّ على هذه القضية قولُه تعالى:”وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا” (الإسراء: 16).

فبالنظر في عواقب سوء الخُلق:وذلك بتأمُّل ما يجلبه سوءُ الخُلق من الأسف الدائم، والهم الملازم، والحسرة والندامة، والبغضة في قلوب الخلق؛ فذلك يدعو المرءَ إلى أن يقصر عن مساوئ الأخلاق، وينبعث إلى محاسنها.

 

ثالثاً:”إن الله ينصر الدولة العادلة”

خلق العدل واحد من الأخلاق التي تؤثر في بقاء الأمم وزوالها ..وللأخلاق دور بارز في قيام الدول وبقائها بالعدل:”فالعدل أساس الملك” فهو يحمل على اعتدال الأخلاق، وتوسطها بين طرفي الإفراط والتفريط.و تشير هذه الحكمة إلي أن العدل هو أساس بقاء الملك ،فأذا ندر أو اختفى ، إنهارت الشعوب والدول واصبحت تاريخاً ، وإذا تواجد العدل ، قويت الدول واستمرت . إن إقامة العدل وأداء الحقوق لأهلها من أسباب بقاء الدول وتفوقها وغلبتها،

قال ابن تيمية في رسالة (الحسبة):

الجزاء في الدنيا متفق عليه أهل الأرض، فإن الناس لم يتنازعوا في أن عاقبة الظلم وخيمة، وعاقبة العدل كريمة، ولهذا يروى: “الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة” اهـ.

ولما سمع عمرو بن العاص المستوردَ بن شدادَ يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:”تقوم الساعة والروم أكثر الناس”. قال له عمرو: أبصر ما تقول؟ فقال المستورد: أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقال عمرو: لئن قلت ذلك؛ إن فيهم لخصالاًأربعا:”إنهم لأحلم الناس عند فتنة، وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة،وأوشكهم كرة بعد فرة،وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف،وخامسة حسنة جميلة وأمنعهم من ظلم الملوك”( مسلم).

فكأنَّ عمراً رضي الله عنه يحكم بأن هذه الخصال هي السبب في بقائهم وكثرتهم، وفي المقابل يكون الظلم وتضييع الأمانة وإهدار الحقوق هي معالم الخراب والهزيمة، وهذا أصل مقرر في علم الاجتماع، وقد عقد له ابن خلدون في مقدمته فصلا بعنوان: (الظلم مؤذن بخراب العمران).

والمقصود أن الأمم الكافرة إن توفرت على معالم قيام الدول ونهضتها أقامها الله وجازاها بجنس عملها، ولا يظلم ربك أحدا، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يظلم مؤمنا حسنة، يعطى بها في الدنيا، ويجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم تكن له حسنة يجزى بها. رواه مسلم. فالله تعالى يعطيهم في الدنيا ما يستحقونه باعتبار ما عندهم من خير وما يبذلونه من حق.

 

فهذا جانب، وهناك جانب آخر لا يصح إغفاله في هذه القضية، وهو أن الله تعالى قد ينصر أمة كافرة على أمة مسلمة؛ عقوبة لها على معاصيها، وشاهد هذا ما حصل في غزوة أحد، كما قال تعالى:”وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ “(آل عمران: 152).

وقد ذكر ابن كثير في حوادث سنة خمس عشرة وستمائة أن المعظم أعاد ضمان القيان والخمور والمغنيات وغير ذلك من الفواحش والمنكرات التي كان أبوه قد أبطلها، بحيث إنه لم يكن أحد يتجاسر أن ينقل ملء كف خمر إلى دمشق إلا بالحيلة الخفية، فجزى الله العادل خيرا، ولا جزى المعظم خيرا على ما فعل، واعتذر المعظم في ذلك بأنه إنما صنع هذا المنكر لقلة الأموال على الجند واحتياجهم إلى النفقات في قتال الفرنج. ثم علق ابن كثير على ذلك فقال: وهذا من جهله وقلة دينه وعدم معرفته بالأمور؛ فإن هذا الصنيع يديل عليهم الأعداء وينصرهم عليهم، ويتمكن منهم الداء ويثبط الجند عن القتال فيولون بسببه الأدبار، وهذا مما يدمر ويخرب الديار ويديل الدول، كما في الأثر: إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني. وهذا ظاهر لا يخفى على فطن اهـ. فهلاك الأمم بالظلم فعَنْ عَائِشَةَ ،

” أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ الْمَرْأَةِ الْمَخْزُومِيَّةِ الَّتِي سَرَقَتْ ، فَقَالُوا : مَنْ يُكَلِّمُ فِيهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟،فَقَالُوا : وَمَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَلَّمَهُ أُسَامَةُ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ” أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ ؟، ثُمَّ قَامَ ، فَاخْتَطَبَ فَقَالَ : أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الشَّرِيفُ ، تَرَكُوهُ ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمُ الضَّعِيفُ ، أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ ، وَايْمُ اللَّهِ لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ ، لَقَطَعْتُ يَدَهَا ” ، وَفِي حَدِيثِ ابْنِ رُمْحٍ إِنَّمَا هَلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ “(مسلم).

 

الخطبة الثانية خطبة الجمعة :

الحمدُ لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن سار على هديه إلى يوم الدين، وبعد: فيقول النبي صلى الله عليه وسلم:”إنما بُعثت لأتممَ مكارم الأخلاق”. فكأن مكارمَ الأخلاق بناء شيَّده الأنبياء، وبُعث النبي صلى الله عليه وسلم ليتم هذا البناء، فيكتمل صرح مكارم الأخلاق ببِعثته صلى الله عليه وسلم ولأن الدِّينَ بغير خُلق كمحكمة بغير قاضٍ، كذلك فإن الأخلاقَ بغير دِين عبث، والمتأمل في حال الأمَّة اليوم يجد أن أَزْمَتَها أزمةٌ أخلاقية؛تكاد تهلك بكثرة معاصيها وابتعادها عن مكارم الأخلاق ..  

والأمة الواعية كذلك هي التي تدرك أنها بتجرئها على المعاصي وابتعادها عن منهج إسلامها وشريعة خالقها، تجلب عليها سخط الله الذي قد يتسبب في أن يبعث عليها من يسومها- بسبب معاصيها- سوء العذاب، وفي الأثر أن بعض أنبياء بني إسرائيل نظر إلى ما يصنع بهم بختنصر من إذلال وقهر وإبادة وقتل وتشريد فقال:”بما كسبَتْ أيدينا سلطتَ علينا من لا يعرفك ولا يرحمنا”. وذكر ابن أبي الدنيا عن الفضيل بن عياض أنه قال: أوحى الله إلى بعض أنبيائه: “إذا عصاني من يعرفني سلطت عليه من لا يعرفني”.

نماذج  من أعلام أمة الإسلام :”

أيها الناس:” إن التمسُّك بمكارم الأخلاق هو الركيزة التي نهضت بها أمةٌ من صحراء مكَّة وربوع المدينة عندما تعهَّدَها الله بخاتم رسالاته للإنسان، وأكمل شرائعه للحياة السَّعيدة، وأشرف وحي السَّماء إلى الأرض بقيادة نبويَّة ربَّانية عبقرية فذَّة، بهرَت العالَم والإنسانية في عبقريَّة تربية الأجيال، واكتشاف طاقاتهم الإيجابيَّة، وتوجيه نبوغهم وتفرُّدهم في المجالات التي برعوا وأبدعوا فيها.

 

فانطلق أتباع النبي الخاتَم، وسيِّد ولد آدم، وأشرف المرسلين إلى أرجاء الأرض، فتهاوَتْ أركان الحكومات الإمبراطوريَّة الطاغية المستبِدَّة الفاسدة، والتي نشرت الظُّلم والمفاسد الأخلاقيَّة، واستعبدت البشر، وورث الفاتحون الصالحون من أبناء الصحراء ميراث كسرى وقيصر في العراق وفارس ومصر والشام وآسيا وإفريقيَّة، وعبَروا إلى أوربا في أعظم انتشارٍ لأمَّة سعَت لتحرير الإنسان من براثن الفساد والطُّغيان واستعباد الإنسان لأخيه الإنسان، مبشِّرين بعقيدة حرَّرت العقول من الشِّرك بالله، ومن ضيق الدُّنيا إلى سعة النعيم الأبدي للمؤمنين الصالحين في الآخرة، ومن جَوْر الأديان والأحبار والرهبان إلى عدل الإسلام ورحابة شريعته وعصمة كتابه..

 

كما قدَّمت للبشرية أفذاذًا في العلوم والآداب لم تَشْهد البشرية لهم مثالاً، فخشع الكون لإبداعهم، وانحنت الإنسانيَّة إجلالاً واحترامًا لعبقريَّتِهم، ومن تلكم النماذج الصدِّيق أبو بكر، والفاروق عمر بن الخطاب في السياسة والقيادة والحكم بشهادة علماءَ أفذاذٍ من غير المسلمين من مؤرِّخي أوربا وأمريكا.

 ورأينا معجزة الإسلام في الحكم الرَّشيد وقيادة الدولة التي شَمِلَت العالم القديم في قاراته الثلاث خامس الخلفاء الراشدين الخليفة عمر بن عبدالعزيز.

ورأينا قادةً عسكريِّين أفذاذًا أمثال خالد بن الوليد، وسعد بن أبي وقاص، وعمرو بن العاص، وعقبة بن نافع، وقُتَيبة بن مسلم، وموسى بن نصير، وطارق بن زياد، الأمر الذي جعل القائد الانكليزي “مونتجمري” الذي حقق النصر للحلفاء في الحرب العالميَّة الثانية يصرِّح – إجابةً على سؤال الصحفيين – عن سرِّ نجاحه وعبقريَّتِه الحربية أنه تعلَّم فنون الحرب من خالد بن الوليد.

ورأينا قادة ورُوَّادًا في العلوم والفقه والشريعة؛ كالإمام علي بن أبي طالب، وأبي الأسود الدؤلي، والخليل بن أحمد، وسيبويه، والأئمة الأربعة، وتلامذتهم في الفقه: أبي حنيفة، ومالك بن أنس، والشافعيِّ، وأحمد بن حنبل، والبخاري، وابن حجر العسقلاني، والفخرِ الرازي، والقرطبي، والجاحظ، وابن قتيبة، وحماد بن إسماعيل الجوهري، وابن الهيثم، وجابر بن حيَّان، وابن رُشْد، وغيرهم عشرات، بل مئات أفرزَتْهم حضارة التوحيد، التي ارتكزت انطلاقتها وتمدُّدها على قوة الحق، وقوته الماضية..

 

اللهم آمنا في أوطاننا، اللهم آمنا في أوطاننا، وأدم نعمة الأمن والاستقرار في بلادنا، اللهم من أرادنا وبلادنا والمسلمين بسوء فأشغله بنفسه، واجعل كيده في نحره. يارب العالمين. 

 

للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف

 

للمزيد عن مسابقات الأوقاف

 

تابعنا علي الفيس بوك

 

للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة باللغات

 

للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع

 

للمزيد عن أخبار الأوقاف

اظهر المزيد

كتب: د.أحمد رمضان

الدكتور أحمد رمضان حاصل علي الماجستير من جامعة الأزهر بتقدير ممتاز سنة 2005م ، وحاصل علي الدكتوراه بتقدير مع مرتبة الشرف الأولي من جامعة الأزهر الشريف سنة 2017م. مؤسس جريدة صوت الدعاة ورئيس التحرير وكاتب الأخبار والمقالات المهمة بالجريدة، ويعمل بالجريدة منذ 2013 إلي اليوم. حاصل علي دورة التميز الصحفي، وقام بتدريب عدد من الصحفيين بالجريدة. للتواصل مع رئيس التحرير على الإيميل التالي: [email protected] رئيس التحريـر: د. أحمد رمضان (Editor-in-Chief: Dr. Ahmed Ramadan) للمزيد عن الدكتور أحمد رمضان رئيس التحرير أضغط في القائمة علي رئيس التحرير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
Translate »